Join The Monk

ألدعوة الرهبانيُّةُ نداءُ داخليٌّ يحثُّ المدعوَّ إلى ٱتّباعِ المسيح من خلال الانتماءِ إلى مؤسّسة رَهبانيّة. ورهبانيَّتُنا واحدَةٌ من هذه الرهابنيّاتِ الّتي تستقطِبُ الشبّانَ ٱلّذين استهواهُم وجهُ المسيح. جاذبيّةُ هذه الرهبانيّة متعدّدةِ الأسباب، وقد يكونَ أبرَزُها، اليوم، ثمارُ القداسةِ الّتي اينعَت فيها، نظير شربل ونعمة الله الحردين واسطفان نعمة، ورفقا في الفرع النسائيّ.

حبّة القمح في التربة تحتاج إلى العناية لتنمو وتُخصِب العطاء، كذلك تحتاجُ الدعوةُ الرُهبانيّة إلى عنايةٍ وتنشئةٍ مستمرّتين.

تمتدُّ مراحل التنَشِئَة الأساسيّةِ في الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة من لحظة دخولِ طالبِ الترهّبِ الى الدير حتّى إبرازِه النذور المؤبّدة، ومن بعدَها تُرَشِّحُهُ للدَرَجات الكهنوتيّة إذا وَجَدَتهُ أهلًا لها.  

ويبقى الراهبُ، أكاهِنًا كانَ أو أخًا، في مسيرةِ تنشئة مستمرّة تُرافقهُ طيلة حياته. 

تُقسم هذه المرحلة الى قسمين أساسييّن: مرحلة الابتداء ومرحلة الدراسة. 

وتمتدّ هذه الفترة لحوالى ثماني سنوات في الظروف العاديّة. يتنشّأُ على مبادئ الرهبانية وقيمها وتقاليدها، الإخوة المبتدئون والدارسون في الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، وَهم قلبها النابض، ليعيشوها في الزمن الحاضر، مع انفتاح دائم على المستقبل. هدف التنشئة في هذه المرحلة هو صقل الراهب على الأصعدة الإنسانيّة والرهبانيّة والروحيّة واللاهوتيّة والثقافيّة. 


بحسب قوانين الرهبانية، الابتداء هو: "مَرْحَلَةُ اخْتِبَارٍ رُهْبَانِيٍّ، فِيْهِا يَمْتَحِنُ الــمُبْتدئ نَفْسَهُ وَتَخْتَبِرُهُ الرَّهْبَانِيَّة. وَفِيهِا يَتَدَرَّبُ عَلَى الإِصْغَاءِ إِلَى كَلامِ الله، وَيَتَمَرَّسُ عَلَى عَيْشِ الحَيَاةِ الرُّهْبَانِيَّةِ وَالسَيرِ بِمُوجَبِ قَوَانِينِهَا، وَيَتَعَرَّفُ إِلَى مُتَطَلِّبَاتِهَا وَقِيَمِهَا، فِي جَوٍّ جِدِّيٍّ مِنَ التَّأَمُّلِ وَالصَّلاةِ وَالعَمَل" (مادّة 128). الابتداء هو مرحلة انتقاليّة ما بين الحالة العلمانيّة والحالة الرهبانيّة، يتأكَّد فيها المدعوّ إلى الرهبنة من حقيقة دعوته من ناحية، وفيها تقرّر الرهبانيّة قبول المدعوّ في عداد أعضائها من ناحية أخرى

من اعتبَرَ نفسَهُ مدعوًّا وشاءَ، حرًّا، دخولَ الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، عليهِ التواصلُ مع معلّم المبتَدِئينَ الّذي في حالِ استشفافِ بذارِ الدعوةِ لديه من خلالِ حوارٍ وجاهيّ، يقبلهُ طالبًا في ديرِ الابتداءِ الذي هو حاليًّا دير مار قبريانوس ويوستينا في كفيفان، وهي قرية لبنانيّة من قرى قضاء البترون في محافظة الشمال، تبعد عن بيروت 68 كلم.

هو راهب كاهن تمّ انتخابه ليكون المسؤول المباشر على المبتدئين. يتميّز بالأبوّة الروحيّة لمرافقة المبتدئ، يعلّمُ الطلّاب والمبتدئين بالكلمة وبشهادة الحياة، ويدبّرُ شؤونهم الحياتيّة والروحيّة شأنَ الأبِ الصالح والمدبّرِ الحكيم.

هدفه الأوّل هو شخص المبتدئ، فهو:

• يحبّ المبتدئ كما هو حتّى يكسبه تلميذًا صالحًا ليسوع. 

• يقدّم القرارات الهادفة والنافعة الّتي تناسب حالة كلِّ مبتدئ وطباعه وظروفه.

• يميّز بين الصواب والخطأ في سلوك كلّ مبتدئ.

• يدير ويرشد ويسعى إلى معالجة أزمات المبتدئ حتى يستقيم هذا الأخير في مسيرته.


مدّة الابتداء في رهبانيتنا، بحسب قوانيننا، سنتان كاملتان. تسبقهما فترة طالبيّة تتراوح مدّتها بين ثلاثة أشهر كحدّ أدنى وستّة أشهر كحدٍّ أقصى. في نهاية مرحلة الابتداء، يُبرز طالب الترهّب نذوره الرهبانيّة الموقّتة، وينتقل الى مرحلة الدراسة.

 تنصّ المادّة 130 من قوانين الرَهبانيّة على الشروط الأساسيّة للانتساب: 

• أن يكون كاثوليكيًّا.

• أتمّ السابعة عشرة من عمره.

• غير متزوّج.

• غير منتمٍ إلى مؤسّسة رهبانيّة أو إكليريكيّة أخرى.

• ليسَ عليه عقوبة قانونيّة وليسَ مُثقَلًا بِدَينٍ عليه دفعه.

• ليسَ مُرغَمًا على دخول الدير، بل أتى بكامل حريّته.


كما يُمكُنُ قبولُ أشخاص من غيرِ الكاثوليك، ولكلّ حالَةٍ ثمّة إجراءات قانونيّة يجب مراعاتُها.


يتمحورُ النظام اليوميّ حول ثلاثِ صلوات أساسيّة: صلاة الصباح، وصلاة نصف النهار، وصلاة المساء. يُزاد عليها، أحيانًا، صلاة الستّار وصلاة نصف الليل.

يقوم المبتدِئ، بين صلاة الصباح وصلاة نصف النهار، بأعمالٍ يدويّة متفرّقة. وَيُتابِعُ المبتَدِئُ، بين صلاة نصف النهار وصلاة المساء، تَنْشِئَةً رهبانيّة شاملَة. هذه التنشئة تُستَأنف غالبًا بعد صلاة المساء.

هدف النظام، القائم على الصلاة والعمل والتنشئة إنّما هو تحقيق نموّ المبتدئ على الأصعدة الرهبانيّ والكنسيّة والروحيّة والإنسانيّة والبيبليّة والليتورجيّة والثقافيّة. 


ينشّئ الأبُ المعلّمُ المبتدئَ، بحسب المادة 141 من قوانيننا، على:

• الكتاب المقدّس.

• تعاليم الكنيسة الجامعة والمحلّيّة، آخذًا بعين الاعتبار الانتماء المارونيَّ الى المدرسة الأنطاكيّة.

• تعاليم آباء الكنيسة لا سيَّما الآباء الشرقيين.

• سِيَر القدّيسين لا سيّما سيرة القدّيس أنطونيوس الكبير أبي الرهبان.

ضمن هذا الإطار يضع الأب المعلّم برنامجًا لتنمية المبتدئ على أصعدة عديدة: الإنسانيّة والروحيّة والثقافيّة.


تشمل هذه التنمية الأبعاد الجسديّة والعاطفيّة والعقليّة والاجتماعيّة: 

• البعد الجسديّ يضمّ تمارين رياضيّة بهدف ضبط الانفعالات وإدارة الطاقة الجنسيّة وتقنينها.

• البعد العاطفيّ يشمل التمرّن على السيطرة على الانفعالات والتعبير عنها عِوَضَ الكبت.

• البعد العقليّ يُعَمِّقُ ترتيبَ الأفكار لتصميم كلِّ ما هوَ منطقي.

• البعد الاجتماعيّ ينمّي البعد العلائقيّ لكي يَتَخَطّى التمحور حول الذات بهدفِ انخراطٍ أفضل في أعمال الخدمة.


تشمل هذه التنمية: 

• الحياة المشتركة: يكتسب المبتدئون القيم الرهبانيّة (الّتي يجدون أمثلة عنها في حياة رهبان ديرهم)، والتدرّج في عيش النذور الرهبانية في جوٍّ عائليّ.

• ألصلاة: هي الميزة الأهمّ للحياة الرهبانيّة. يتمرّس المبتدئ على مختلف أنواع الصلوات: اللفظيّة، العقليّة- التأمليّة، القراءة الروحيّة، المسبحة الوردية... ويقوم المبتدئون يوميًّا بخدمة صلوات الصباح، ونصف النهار، والمساء، ويزاد عليها، أحيانًا، صلاة الستّار وصلاة نصف الليل؛ كلُّ ذلك بحسب طقس الكنيسة المارونيّة.

• ألمائدة: ألمائدة هي مساحة للّقاء والمصالحة والتعارف والشكر؛ فيها يتقاسم المبتدئون لقمة العيش.

• ألعمل: يشكّل العمل مع الصلاة الاِتّزان بين النظريّ والعمليّ في حياة الراهب، كما يهدفُ إلى نسج العلاقاتِ العفويّة من ٱحترام وتواصل وتضحية وكرم ومحبّة وسخاء. خلالَ فترةِ العمل، يوزّع الأب المعلّم المبتدئين على مجالات عديدة: الزراعة، الخياطة، الغسيل، الصيانة، صناعة المنتوجات...


يتلقّى المبتدئ ثقافة تمكّنه من الِانخراط في الرَهبانيّة:

• ألكتاب المقدّس: يسهر الأب المعلّم على أن يكون الكتاب المقدّس المحطّة الأبرز في ثقافة الإخوة المبتدئين عبر أمثولات يلقيها عليهم ٱختصاصيّون في مجال الكتاب الـمقدّس، ومن خلال تنظيم السهرات الإنجيليّة واللقاءات حول نصوص كتابيّة ومواضيع للدراسة والتحليل والتفسير والتطبيق.

• أللغة السريانيّة: يحرص الأب المنشّئ على تعليم اللغة السريانيّة للمبتدئين، إذ إنّها اللغة الليتورجيّة للكنيسة المارونيّة. كما وأَنّ آباءنا الرهبان أتقنوها على مَرِّ السنين ورفعوا الصلوات بواسطتها.

• ألألحان السريانيّة المارونيّة: يوكِلُ الأبُ المعلّم مهمّة تعليم للألحانِ السريانيّة للمبتدئين إلى راهب ٱختصاصيٍّ متمرِّس في هذا الحقل، وذلك بهدف إتقانِ صلواتنا الليتورجيّة وتنظيم ٱحتفالاتنا الطقسيّة.

• ألتعليم الرهبانيّ: ينظّم الأب المعلّم برنامجًا سنويًّا لتلقين المبتدئين تاريخَ الرهبانيّة على يد ٱختصاصيّين، إضافةً إلى روحانيّة الرهبانيّة، وشرحٍ مستفيضٍ لقوانينها وعاداتها وتقاليدها، وأديارها ومؤسّساتها داخل لبنان وخارجه.


مرحلة الدراسة هي المرحلة الّتي تلي مرحلة الابتداء. بَعدَ إبرازه النذور الموقّتة ولأجل متابعة دروسه الفلسفيّة واللاهوتيّة، ينتقل الأخ الناذر إلى دير سيّدة طاميش - ديك المحدي وهيَ قرية لبنانية من قرى قضاء المتن في محافظة جبل لبنان، تبعد عن بيروت 21 كلم. 

تقوم هذه المرحلة تحت نظر وإشراف الأب الراعي.

تعتبر هذه المرحلة أساسيّةً في التنشئة الرهبانية كما نصّ القانون الرهباني: "عَلَى الرَّاهِبِ الدَّارِسِ أَنْ يُتَابِعَ دُرُوسَه بِجِدٍّ وَنَشَاط، وَأن ْيُولِيَ دَوْمًا الأَوْلَوِيَّةَ فِي ثَقَافَتِهِ للعلومِ الفَلْسَفِيَّةِ وَاللاَّهُوتِيَّة. وَعَلَيْهِ أَنْ يَعْتَبِرَ أَنَّ عُمْقَ حَيَاتِهِ الرُّهْبَانِيَّةِ وَنَجَاحَ رِسَالَتِه،ِ فِي المُسْتَقْبَلِ، مَنُوطَانِ إِلَى حَدٍّ بَعِيد بِثَقَافَتِهِ هَذِه." (مادّة 180). 


"يُعَيِّنُ الأَبُ العَامُّ رَاعِيًا لِلإِخْوَةِ الدَّارِسِينَ، مُهِمَّتُهُ السهرُ عَلَى تَأْمِينِ التَّنْشِئَةِ الرُّوحِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّةِ وَالعَقَائِدِيَّةِ وَالرَّسُولِيَّةِ لِلإِخْوَةِ الدَّارِسِينَ، وَذَلِكَ حَسَبَ قَوَانِينِ الرَّهْبَانِيَّةِ وَتَقَالِيدِهَا، وبِالتَّعَاوُنِ مَعَ رَئِيسِ الدَّيْرِ وَجُمْهُورِهِ." (مادّة 178). 

ليست الدراسة الفلسفيّة هدفًا بحدِّ ذاته، إنّما هي وسيلة أساسيّة تساعد على فهم اللاهوت. لذلك يتوجّه الأخ الناذر إلى جامعة الروح القدس-الكسليك ليتابع تلك الدروس، في كليّة اللاهوت الحبريّة. تشمل الدراسة الفلسفيّة مواضيع مختلفة تُظهر تطوّر الفكر عبر العصور. ما يسمح للشخص بتمييز التيّارات الفلسفيّة الموجودة في المجتمع، وتزويده بفكر منطقيّ وتحليليّ.

تلي الدروسُ اللاهوتيّةُ فترةَ الدروسِ الفلسفيّة. فهدف الدراسة اللاهوتيّة الأساسيّ إنّما هوَ تعميقُ إيمان الأخ الدارس، وإكسابُه معرفةً في عالم الكتاب المقدّس وتاريخ الكنيسة وآباء الكنيسة والليتورجيّا المقدّسة والعقائد الكنسيّة والأخلاقيّات المسيحيّة والقوانين الكنسيّة. ذلك كلُّهُ يُمَكِّنُ الراهب من مواجهة التحدّيات والتساؤلاتِ الراهنة بهدف نشر ملكوت الله.

يتمحور النظام اليوميّ حول ثلاثِ صلواتٍ أساسيّة: صلاة الصباح، وصلاة نصف النهار، وصلاة المساء. ويُزاد عليها، أحيانًا، صلاة الستّار وصلاة نصف الليل. 

 في أيام الإثنين والثلاثاء والخميس والجمعة يتابع الأخ الدارس، بين صلاة الصباح وصلاة نصف النهار، الدراسة في كلّيّة اللاهوت الحبريّة في جامعة الروح القدس - الكسليك. أمّا في يَومَي الأربعاء والسبت، وأيّام العطل الأخرى، فَيقوم الإخوة الدارسون بأعمال يدويّة متفرقة.

أمّا الفترة الّتي تلي صلاة نصف النهار، فهي مخصَّصة للدراسة والمطالعة الشخصيّة، والتنشئة الجماعيّة على أصعدة متعدّدة. 

هدف النظام القائم على الصلاة والعمل والتنشئة، هو تحقيق نموِّ الأخ الدارس على الأصعدة الروحيّة والإنسانيّة والثقافيّة.


تطال التنشئة الّتي يتلقّاها الأخ الدارس عدّة أصعدة، أبرزها التنشئة الروحيّة والثقافيّة والعقائديّة والرسوليّة. 

- ألتنشئة الروحيّة

إنطلاقاً من الصعوبات والمشاكل اليوميّة، يحرص الأب الراعي على تأمين رياضات روحيّة شهريّة أو دوريّة مُستَعينًا بذوي الاختصاص من داخل الرهبانيّة ومن خارجها. تُعالِجُ هذه الرياضاتُ الجوانبَ البيبليّة والروحيّة والاجتماعيّة والنفسيّة لمواضيعَ مختلفة كالصلاة والتوبة والتأمّل والمشورات الإنجيليّة والتمييز الفرديّ والتمييز الجماعيّ وصدق التكرّس والسلطة والخدمة...

إلى جانب هذه الرياضات الروحيّة هناك وقفات روحيّة أخرى مثل أيّام التأمّل والصمت.

كما ويحرص الأب الراعي على القيام بلقاءات فرديّة هدفها التمييز، وذلك لكي يكتشفَ الأخ الدارس هويّته الرهبانيّة وفرادته داخل الجماعة، ولكي يميّز تطوّر مسيرته الرهبانيّة. 

- التنشئة الثقافيّة

إلى جانب الدروس الجامعيّة، ونظرًا لأهمّيّة إتقان اللغات كوسيلة أساسيّة لِاكتساب العلوم ونشرِها بشكل سليم وللقيام بأعمال الرسالة، يتمّ الاستعانة بأساتذة من الجامعة لتعليم الإخوة الدارسين اللغات العربيّة، والفرنسيّة، والإنكليزيّة والإسبانيّة وغيرها حسب الحاجة والطلب.

كذلك يتابع الإخوة، ضمن برنامج التنشئة الثقافيّة، مواضيع مختلفة منها السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والحياتيّة. ويواظب الإخوة أسبوعيًّا على حضور تمارين الترتيل المقدّس تساعدهم على إعلان كلمة الله من خلال الترتيل، وإتقان صلواتهم الليتورجيّة.

- ألتنشئة العقائديّة واللاهوتيّة

إضافة الى كلّ المخزون اللاهوتيّ الذي يتلقّاه الأخ الدارس في كليّة اللاهوت الحبريّة، يحرص الأب الراعي على تنظيم مواضيع تهتمُّ بالعقائد واللاهوت المسيحيّ، إمّا من خلال ٱختصاصيّين في هذا المجال، وإمّا من خلال البحث الخاصّ الّذي يقوم به الإخوة الدارسون، فيتناوبون على تحضير المواضيع فرديًّا بهدفِ عرضها ومناقشتها جماعيًّا. ولكن لا تنحصر التنشئة العقائديّة واللاهوتيّة بفترات محدَّدة إذ إنّ الإخوةَ الدارسين يتداولون هذه الأفكار في أغلب لقاءاتهم. 

- ألتنشئة الرسوليّة

تطبيقا للّاهوت الذي يتعلّمه الإخوة في جامعة الروح القدس-الكسليك، يُسهم بعضهم في التعليم المسيحيّ في عدد من مدارس الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة وفي الرعيّة. كذلك يقوم قسم آخر بتنشئة أولاد الرعيّة من فرسان وطلائع وشبيبة، ويشارك بعضهم الآخر في التحضير للقربانة الأولى. بهذه الطريقة يعكس الأخ الدارس الصورة التقليديّة للراهب "المعلّم" الّذي ينقل معرفة اللهِ إلى الأولاد في المدارس والرعايا. وتكون أيضا تمرينًا له للتعاطي مع المعرفةِ الّتي يكتسبها في الجامعة ولكيفيّة نقلِها ونشرِها بين الناس.


قُبَيلَ السنة الأخيرةِ من فترة الدروس اللاهوتيّة، يُبرز نذورَه الرُهبانيّة المؤبّدة مَن قَرّر نهائيًّا الِالتزام بالحياةِ الرُهبانيّة ومن رأته السلطة الرُهبانيّة أهلاً للالتزامِ بِها. هذه النذور المؤبّدة لا يمكن أن تتمّ إلّا بعد فترة ثلاث سنوات أقلَّه على إبراز النذور الموقّتة، وخلالَ فترة لا تتجاوز الستَّ سنواتٍ عليه، بحسب المادة 158 من قوانيننا "مُدَّةُ النُّذُورِ الـمُوَقَّتَةِ ثَلاثُ سَنَوَات، بعدَ ذلكَ يُمْكِنُ تَمْدِيدُهَا كُلّ سَنَة، وَلَكِنْ لَيْسَ لأَكْثَرِ مِنْ ثَلاثِ سَنَواتٍ أُخْرَى".

في ختام فترة الدراسة يميّز الأخ مع المسؤولين عنه ويختار، إمّا البقاء للعيش كأخٍ في الرهبانيّة، وإمّا التدرّج في الحياة الكهنوتيّة. في كلتا الحالتَين يُفصَلُ الأخ إلى أديار الرهبانيّة، إمّا للبدء بالحياةِ الرُهبانيّة العمليّة، وإمّا للتمرُّس العمليّ على الحياة الرعائيّة تحضيرًا للكهنوت.

في هذه السنة الرعائيّة، يُتابع الإخوة برنامجًا مخصّصًا لهم. فيه تنشئة رعائيّة وتنشئّة خاصّة تقوم بها الرهبانيّة من خلال دورات متعدّدة تهتمُّ بِالأمور العمليّة، أليتورجيّةً كانت أم إداريّة، بهدف تزويد الراهبِ طالبِ الكَهَنوت، بكلّ ما يلزمه لممارسة سرِّ الكهنوت المقدّس بعدَ رِسامَتِهِ.


أمّا التنشئة المستمرة فهي تُرافق الراهب طيلة حياته، من خلال الرياضات الروحيّة السنويّة والفصليّة، والمحاضرات الثقافيّة والروحيّة التي تُحيطُ بِالجَوانبِ الرُهبانيّةِ وَالكَنسيّةِ وَالحَياتيّةِ كافّة.


أرسل لنا رسالة